هو محمد بن الحسن التونسي العفاني، من مواليد 1900 ببلدة “إيسافن” القريبة من مدينة تارودانت،إستفاد في مرحلة دراسته من ذكائه المتميز، و لما حصل على شهادة الباكالوريا سنة 1918، رحل إلى فرنسا، حيث تلقى تكوينا بنكيا بين سنوات 1918-1922، أهله ليصبح إطارا بمؤسسة بنكية بالمغرب هي “القرض العقاري للجزائر و تونس”، و بعد نهاية عهد الحماية تكلف السيد محمد بن الحسن بقم الشباب بوزارة الشبيبة و الرياضة، في أول حكومة تشكلت في عهد الإستقلال، و بعد سقوط هذه الحكومة عاد إلى وظيفته الأصلية.
كان السيد محمد بن الحسن، ممارسا رياضيا، مارس لعبة كرة القدم في صفوف عدة أندية، لعل أبرزها “اليوسا” النادي الذي أحرز لقب العصبة المغربية لكرة القدم سنتي 1927 و 1929.
حيث لعب في موقع جناح أيمن في الفريق البيضاوي حتى نهاية العشرينات، حيث ترك انطباع لاعب عادي بلا مميزات كبيرة. مما جعله يترك عالم الكرة كلاعب و رحل لإنجلترا من أجل التكوين في مجال التدريب ،و بعد عودته سنة 1935 درب بعض فرق أحياء الدار البيضاء و حقق نجاحا كبيرا .بالتوازي مع التدريب كان صحفيا في جريدة “البيضاوي الصغير” و تابع مهنته كرجل بنكي في المؤسسة الجزائرية… في هده الفترة بدأ الداهية يلقى شهرة حيث كان من الأوائل الدين تحدتو عن المباريات و طريقة اللعب و الخطط…
يطلق على السيد محمد بن الحسن العفاني، لقب “الأب جيكو” و هو لقب روى العارفون أن له حكاية : ذلك أن أحد الصحفيين الفرنسيين كتب على أعمدة جريدة فرنسية مقالا رياضيا ادعى فيه أن اللاعب محمد بن الحسن يقلد في بعض حركاته الرياضية داخل الملعب اللاعب “جيكو”، و كان هذا الأخير يلعب ضمن صفوف نادي اليوسا، و رغم أن هذا التشبيه المصحوب ببعض الإعجاب أغضب السيد محمد بن الحسن، و جعله يرد في نفس الجريدة بمقال مضاد، فإن ذلك لم يمنع الجمهور الرياضي من ترديد ذلك اللقب إلى أن أصبح أمرا واقعا، ثم أضيف إلى لقب “جيكو”، لقب “الأب” ليصح هو “الأب جيكو”، و لا شك أن أخلاق السيد محمد بن الحسن، و إلمامه بلعبة كرة القدم، فنا و قوانينا، هو الذي منحه لقب “الأب”.
إن أول من استفاد من حنكة و عبقرية الأب جيكو هو فريق الوداد تسييرا و تدريبا، حيث وجد هذا الفريق في الأب جيكو الرجل الكفء و المهيأ و المتفرغ و المحامي المتطوع. فالأب جيكو هو مدرب تشكيلات الوداد الأولى، و هو العقل المدبر لمسيرة الوداد الرياضية في بدايتها، و الساهر على رسم مستقبل الفريق عن طريق اختيار لاعبين من الفرق الشابة، و العناية بهم ليكونوا أعمدة المستقبل، و كان الأب جيكو في تدريبه للوداد لا يتنازل عن سلطته كمدرب، فهو الوحيد الذي يعرف تشكيلة الفريق قبل المقابلة، كما كان إذا حدد تشكيلة الفريق لأي مواجهة لا يخضع أو يساوم إطلاقا و لو حول لاعب واحد من لائحة الـ11 لاعبا التي اختارها و حددها، و لا شك أن هذه الصرامة من جملة العوامل التي منحته صفة مدرب عن جدارة و استحقاق.
حسب رواية عثمان العفاني، حفيد الأب جيكو، فإن سبب الخلاف مع مسؤولي الوداد ظل لغزا، فقد ظل الجميع مؤمنا باستحالة الفراق بين الأب وأبنائه، بين مدرب وهب خمسة عشر سنة من حياته للوداد وبين فلذات كبده من اللاعبين والمسيرين.
«الأرجح أن سبب الخلاف مع الوداد، هو أنه لحظة تغيير المكتب كان محمد بلحسن صحبة اللاعبين في تدريبات بمعسكر بتارودانت، فتوصل بخبر احتضار والده على الفور رحل لتفقد الأمر، حينها تغير طاقم التسيير وقرر الاستغناء على الأب جيكو ككاتب عام للنادي إذ كان يشغل منصب المسؤولية الإدارية والتقنية، والاحتفاظ به كمدرب، وعند عودته من المعسكر سأل المسؤولين عن سر القرار، فلم يعطوه مبررا حقيقيا بل أصروا على التخلي عليه مما دفعه لتقديم الاستقالة».
رحل الأب جيكو عن الوداد وتزامن الرحيل مع فقدانه لوالده، فعاش الرجل ما يشبه الاعتكاف بعيدا عن ميادين الكرة.tn pere jigo
«أصبح الأب جيكو أمام هذا الخطب كمن وقع بين السندان والمطرقة لشدة الصدمة وهول المصاب، وبقي شارد الذهن فمرض من جراء هذه الطعنة مرضين خطيرين داء السكري وملوحة زائدة في الدم كاد أن يؤدي بحياته لولا الألطاف الربانية، امتد الألم إلى معنويات الأب جيكو الذي لم يتمكن من الصمود أمام هول الخطب، خاصة وأنه تعرض لخطر الموت ثلاث مرات، فقد أطلق عليه الخونة الرصاص أبرزها أثناء احتفاله بفوز الوداد على المستعمر في شارع السويس بدرب السلطان. صمم الأب جيكو على الانتقام ممن خانه، إذ اعتبر الإقالة طعنة من الخلف، سأله أحدهم عن سر الاختلاف فقال إن الوداد زوجته لكنه «غادي يجيب عليها الضرة»، مضيفا «الضربة التي لا تقتلني تقويني»، وابتهل إلى السماء قائلا «رباه احميني من أصدقائي أما أعدائي فأنا قادر بهم».
بعد شفائه، بدأ الأب جيكو البحث عن فريق ينافس الوداد، توجهت نواياه صوب شباب المحمدية الذي مكث معه لمدة سنة واحدة، قبل أن يجد نفسه داخل الرجاء كمنارة يهتدي إليها بناة الفريق الذي يقتسم مع الوداد
تارودانت نيوز بتصرف.