
كأس آسيا
محطات تاريخية: فوز السعودية التاريخي بلقب كأس آسيا عام 1984
يعتبر منتخب السعودية من بين أفضل المنتخبات الآسيوية، بعدما توج بلقب كأس آسيا ثلاث مرات وحقق العديد من الإنجازات المميزة خلال العقود الأخيرة.على مدار السنوات الماضية، بنى المنتخب السعودي المُلقب بـ"الصقور الخضر" لنفسه سمعة في جميع أنحاء القارة، وكسب احترام متابعي لعبة كرة القدم من خلال الإنجازات التي حققها.
ويُنظر إلى النجاحات التي حققها الأخضر السعودي بفخر من قبل المشجعين السعوديين، ولكن فوزه بلقب كأس آسيا 1984، يبقى خاصاً لجميع أولئك الذين شهدوا ذلك.
وفي الذكرى الثالثة والثلاثين لهذا الانتصار، يُسلط الموقع الإلكتروني الرسمي للاتحاد الآسيوي لكرة القدم الضوء على الكيفية التي فاز بها المنتخب السعودي بأول لقب قاري.
المدرب
في حين أن بطولة كأس آسيا لعام 1984 في سنغافورة هي النسخة الثامنة من البطولة التي تقام كل أربع سنوات، إلا أنها كانت أول ظهور للسعودية.
وخاض المنتخب القادم من غرب آسيا البطولة لأول مرة بقيادة مدرب كان قد تولى المهمة فقط خلال وقت سابق من ذلك العام.
وكان المدير الفني خليل الزياني يشرف على تدريب نادي الاتفاق عندما استدعى ليحل محل المدرب البرازيلي المخضرم ماريو زاغالو على رأس المنتخب السعودي بعد بداية غير مرضية في بطولة كأس الخليج.
وكان الزياني يبلغ من العمر 37 عاماً فقط، حيث كان يعتبر من المدربين الصاعدين في البلاد، ولكن خوضه تجربة التدريب في وقت مبكر كمدرب رئيسي ساعدهُ على كسب ثقة الإدارة.
ولم يقتصر الأمر على إحياء آمال السعودية في بطولة كأس الخليج، إلا أن الزياني أخذ الفريق أيضاً إلى أولمبياد 1984 في لوس أنجلوس.
وكان ذلك قبيل انطلاق منافسات كأس آسيا في شهر كانون الأول/ديسمبر، حيث كانت ثقة الجمهور بقدرات الزياني آخذة في الارتفاع، والتي استندت على الموهبة الكبيرة التي يمتلكها، وظهر ذلك كلما كان الفريق يتقدم.
البطولة
وكانت المباراة الافتتاحية للسعودية في البطولة ضمن المجموعة الأولى أمام منتخب كوريا الجنوبية بطل كأس آسيا مرتين، وتأخر السعوديون في النتيجة عند الدقيقة 51 بهدف أحرزه لي تاي-هونغ.
وفي آخر الهجمات تمكن النجم الصاعد ماجد عبد الله من إحراز هدف التعادل للمنتخب السعودي الذي خرج من هذه المباراة نقطة ثمينة، وهي الأولى للأخضر في نهائيات كأس آسيا لكرة القدم.

كانت المباراة التالية تاريخية أيضاً، ونال خلالها منتخب "الصقور الخضر" فوزهم القاري الأول، حيث أن هدف صالح خليفة في الشوط الثاني ساعدهم على تحقيق الفوز بنتيجة 1-0 أمام سوريا.
ثم أعطى محمد عبد الجواد السعوديين نقطة أخرى في المباراة الثالثة، بعدما ألغى تقدم المنتخب القطري الذي بادر بالتسجيل عن طريق علي زيد.
وهذا ما مهد الطريق لهم في الجولة الأخيرة أمام المدافعين عن اللقب المنتخب الكويتي صاحب القوة والبطولات على المستوى الإقليمي.
وفي نهاية المطاف، أثبت محيسن الجمعان البالغ من العمر 19 عاماً أحقيته في الانضمام إلى المنتخب الأول بتحقيقه هدف الفوز في الدقيقة 88، ليصعد المنتخب الذي يقوده الزياني إلى الدور قبل النهائي عن جدارة.
وكانت المواجهة في الدور قبل النهائي مع المنتخب الإيراني بمثابة التحدي الأكبر الذي يواجهه السعوديون حتى الآن في البطولة القارية، وكان منتخب إيران الأكثر نجاحاً في تاريخ البطولة بحصوله على ثلاثة ألقاب.
وتقدم المنتخب الإيراني بنتيجة 1-0 حتى اللحظات الأخيرة من اللقاء، ولكن الهدف الذي أحرزه شاهروخ بياني بالخطأ في مرماه في الدقيقة 88، حرم إيران من الوصول إلى نهائي آخر، بعد اللجوء إلى الركلات الترجيحية التي حسمها المنتخب السعودي لصالحه، وذلك بعدما سجل لاعبوه ركلاتهم الخمس بنجاح، في حين أهدر محمد بانجالي إحدى ركلات منتخب بلاده.
ولم يتبق سوى مباراة واحدة بينهم وبين المجد القاري، ففي المباريات الخمس التي خاضها المنتخب السعودي حتى الآن، لم ينجح أبداً في التسجيل خلال الشوط الأول.
وقد أوقفت السعودية هذا السجل خلال المباراة النهائية أمام الصين عندما سجل شايع النفيسة في الدقيقة العاشرة من تسديدة مُتقنة، من على حافة منطقة الجزاء.
ومع أن الصين كانت تتطلع إلى العودة في نتيجة المباراة خلال مجريات الشوط الثاني، إلا أن ماجد عبد الله سجل الهدف الحاسم، وقد أحرز نجم النصر هدف الحسم بعد تخطيه عدداً من مدافعي المنتخب الصيني وتلاعبه بحارس المرمى قبل أن يضع الكرة في المرمى الفارغ، ويعطي المنتخب السعودي الفوز بنتيجة 2-0، ويثبت أنه كافٍ لتحقيق اللقب القاري التاريخي الأول للسعودية.

الإرث
كان الفوز ببطولة كأس آسيا عام 1984 لحظة تاريخية في سجلات كرة القدم السعودية، حيث شكل ذلك بداية حقبة جديدة لعملاق آخر في القارة.
ومن بين لاعبي المنتخب السعودي، سيصبح ماجد عبد الله نجماً لا يشق له غبار، وتم الاعتراف به خارج الحدود السعودية أيضاً، بعد أن نال جائزة أفضل لاعب في قارة آسيا ثلاث مرات متتالية أعوام 1984 و1985 و1986.
أما المدرب الزياني فقد ترك مهمة تدريب المنتخب السعودي في عام 1986 ليعود إلى ناديه السابق الاتفاق، وترك وراءه مثالاً صورة جيدة عن المدربين السعوديين.
وعاد منتخب "الصقور الخضر" للفوز ببطولة كأس آسيا في نسختي 1988 و1996، في حين أنهى البطولة القارية في مركز الوصافة أعوام 1992 و2000 و2007.
والأهم من ذلك، أن الإنجاز في عام 1984 جعل السعوديين يحلمون بهدف أكبر، وهو تحقيق التأهل لنهائيات كأس العالم لكرة القدم، وهذا ما تحقق في عام 1994، مع النجم ماجد عبد الله وهو لا يزال في صفوف المنتخب، والتأهل أيضاً في أربع مناسبات أخرى لنهائيات كأس العالم منذ ذلك الحين.